استقبل نشرتنا الشهرية على بريدك الإلكتروني ، اشترك الآن

أبوظبي ( الإمارات ): نظمت هيئة صحة أبوظبي الإماراتية بالتعاون مع البرنامج الإقليمي للأيدز في الدول العربية التابع للبرنامج الإنمائي للأمم المتحدة ورشة عمل تدريبية حول التوعية بالأيدز و دعم حقوق المتعايشين مع فيروسه، وذلك في يوم 2 فبراير 2009، حضرها ستون إمام مسجد وواعظة من العاملين في الهيئة العامة للشئون الإسلامية والأوقاف.

العام 2015

في البداية، أكد خالد علوش الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي على أن برنامجه يهدف من خلال هذه الدورات التدريبية، وأساليب التوعية المختلفة التى تقدم إلى القيادات المجتمعية كرجال الدين والإعلاميين وغيرهم من فئات المجتمع، الوصول إلى خلو المنطقة العربية من تسجيل أية حالات إصابة جديدة للأيدز بحلول العام 2015.

وطالب علوش بضرورة منح المتعايشين مع الأيدز حقوقهم الإنسانية التى أقرتها كافة الأديان السماوية، موضحاً أن للبشر الحق في الحياة والسلامة البدنية والنفسية، خلافاً لبقية حقوقهم الإجتماعية الأخرى كالحق في العمل، وما يتطلبه ذلك من حقوق مهنية ووظيفية، رافضاً الممارسات التمييزية غير المبررة.

وأشار علوش إلى أن الإحصائيات التى أجريت على المنطقة تفيد أن 80% من الإصابات بين النساء حدثت في إطار العلاقة الشرعية، حيث انتقلت الإصابة من الزوج إلى الزوجة، محذراً من عدم اتخاذ تدابير الوقاية اللازمة لهذا المرض.

وأضاف علوش قائلاً: ” يعد الشخص المتعايش مع الفيروس كأي مريض، لذا لا ينبغى أن تكون الإصابة بالفيروس سبباً لحرمانه من حقوقه الطبيعية في الحياة، ومنها الزواج وتكوين الأسرة، والعمل، وتوفير العلاج والتأمين الصحي والحصول على الأدوية، وتجنب الإيذاء البدني والمعنوي، وعدم إجراء التجارب الطبية والعلمية عليه دون موافقته، فمن الواجب ضمان حق الخصوصية لأي إنسان.”

الوعظ والإرشاد

من جانبها، أوضحت الدكتورة نوال درويش نائبة الممثل المقيم للبرنامج الإنمائي في الدولة أن الهدف من إشراك القيادات الدينية من الرجال والنساء في مثل هذه الورش نابع مما لهم من تأثير وكلمة مسموعة بين الناس، ولدورهم في توعية الجمهور من مخاطر الإصابة بالمرض، ومدى تأثيره على المجتمع.

ودعت د. درويش أئمة المساجد والواعظات إلى القيام بدورهم الشرعي في توعية الجمهور، والحث على الفضيلة، وتجنب الوقوع في ممارسات اللا شرعية، مع التأكيد على حق المتعايشين مع المرض في العيش الكريم، وزيادة توعيتهم بالأحكام الدينية، وتشجيعهم على الاستمرار في الحياة العملية، والاختلاط بهم، وعدم تنفير الآخرين منهم. كما طالبت بحث المصلين من خلال خطب الجمعة، والدروس الدينية والمحاضرات على مساعدة هؤلاء الأشخاص في تسيير أمور حياتهم وتوفير الحياة الكريمة لهم.

الوعاظ أدوات التواصل

من ناحية أخرى، رحب فضيلة الشيح طالب الشحي رئيس قسم الوعظ والإرشاد في الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف، بدعوة الأمم المتحدة لعقد مثل هذه الورشات، مؤكداً على أهميتها ونفعها للمجتمع الإماراتي، بل وللأمة الإسلامية جمعاء.

وشدد الشحي على أهمية الدور الذي يلعبه الوعاظ في التوعية بالأيدز، حيث قال : ” إن الوعاظ هم من أهم أدوات التواصل في المجتمع، والذين يسمع صوتهم، خاصة فيما يتعلق الأمر بتطبيق شرع الله – عز وجل – والالتزام بالمحرمات، مؤكداً على أهمية لغة الخطاب الديني مع المتعايشين مع الأيدز، من حيث تبيان الأسباب العلمية والمخاطر التي تتهدد من يحاول ارتكاب الرذيلة أو القيام بعلاقات غير شرعية أو الإدمان على المخدرات، وخلاف ذلك مما يهدد سلامة المجتمع بأمراض اجتماعية وأخرى صحية.”

معلومات أساسية

في البداية، قدم د. محمد شريتح مستشار البرنامج الإقليمي للأيدز في الدول العربية (هارباس) محاضرة تناول فيها بعض الحقائق والمعلومات الأساسية حول دورة حياة فيروس الأيدز داخل جسم الإنسان وكيفية اختراقه لخلاياه، وسيطرته على كامل ما يدور بداخلها، وطرق انتقاله من إنسان لآخر، والعوامل التى تزيد من فرص انتقاله بين النساء بمعدلات أكبر منها لدى الرجال، مفنداً بعض المعلومات الخاطئة المنتشرة بين عامة الناس. وأخيراً، تطرق د. شريتح إلى أنواع العلاجات المستخدمة لزيادة مستويات المناعة لدى جسم المصاب.

الأيدز في الدول العربية

تلى ذلك العرض المقدم من الدكتور سيد الزناري – أحد مستشاري هارباس – حول تقديرات انتشار الأيدز في الدول العربية، حيث ألقى بمزيد من الضوء على دول الخليج وبخاصة دولة الإمارات العربية، كما تضمن العرض عمل مقارنات مع معدلات انتشاره في أماكن أخرى من العالم، وبخاصة بعض الدول الإسلامية التى تقع خارج نطاق الوطن العربي مثل إيران وإندونيسيا وماليزيا. كما قدم د. الزناري قراءة سريعة للسيناريوهات الخاصة بانتشار فيروس الأيدز في المنطقة في حال اتخاذ التدابير اللازمة من الحكومات العربية لذلك، محاولاً الإيجابة على توقعات انتشاره في حال تقاعست هذه الدول عن القيام بما ينبغى عليها القيام به.

الوضع في الإمارات

لبيان وضع انتشار الفيروس في دولة الإمارات العربية، قدمت د.فريدة الحسني المسئول بهئية الصحة الإماراتية في إيجاز عرضاً عن وضع انتشار الأيدز في دولة الإمارات، كما ألقت الضوء على الوسائل المستخدمة لفحص الدم المستورد للتأكد من سلامته. وعلى الرغم من أن د.الحسني أكدت على أن أعداد حالات الإصابات المكتشفة في الإمارات لا تدعو للقلق، فإنها شددت على أنه يتعين عمل المزيد من البحوث الميدانية للإيفاء بعمليات الحصر الدقيقة.

تغيير الصورة النمطية

من ناحية أخرى، سرد أحد المتعايشين مع الفيروس قصة انتقال الإصابة إليه من خلال تعاطي المخدرات بالمشاركة مع آخرين، حيث قال بإنه عرف بإصابته منذ عدة سنوات مضت، وقد ساعده انضمامه لإحدى مجموعات المساندة والتوعية التغلب كثيراً على معاناته مع المرض، وهو الآن منخرط في جهود البرنامج الوطني للتوعية بالأيدز والوصول للفئات الأكثر عرضة.

وعلى الرغم من الدعم الذي لاقاه من أسرته عند معرفتهم بحقيقة إصابته، فقد عبر عن المعاناة التى يجدها آخرين متعايشون مع الأيدز من جراء الوصم والتمييز الذي يمارسه ضدهم حتى من أفراد داخل أسرهم، كاشفاً للحضور ما هية الأسباب التى تقف وراء عدم البوح بحقيقة مرضه، خوفاً من فقد المتعايش لحقوقه المجتمعية كالعمل والعيش في أمان.

وقد لعبت هذه الشهادة دوراً كبيراً في تغيير الصورة النمطية عن المتعايشين مع الأيدز في المنطقة العربية، حيث لاقى دعماً معنوياً كبيراً من القادة الدينين الحضور والذين عبروا عن سوء الفهم الموجود لديهم تجاه هذه الفئة، وكيف أنهم كانوا يعتقدون في السابق أن مجرد الإصابة تعني الموت، وليس كما رأوا المتعايش الذي بدا مظهره بأنه شخص قادر على ممارسة حياته بشكل طبيعي، شأنه شأن الكثير من المرضي المصابين بأمراض أخرى مزمنة شائعة الإنتشار. من جانبه، عبر المتعايش عن أهمية الدور الذي يمكن لرجل الدين أن يلعبه لصياغة خطاب جديد أكثر إيجابية تجاه الأيدز، وأكثر رحمة تجاه المتعايشين مع فيروسه.

مبادرة القادة الدينيين

وفي إطار تشارك القادة الدينيين في المنطقة إعلاني القاهرة وطرابلس، والدليل الإسلامي للاستفادة مما جاء فيهما من استشهادات وبراهين تسهم في الوقاية من الأيدز، وتدعم حقوق المريض، قام مستشاروا البرنامج بتقسيم المشاركين إلى أربع مجموعات، حيث تناولوا مبادرة القادة الدينيين للتجاوب مع الأيدز في الدول العربية (شهامة) بالنقاش، حيث تعرضوا إلى تاريخها وظروف نشأتها، وعدد غير قليل من القضايا التى أثارتها.

واستعرض مستشارو البرنامج مع المشاركين الدليل الإسلامي، وما يضم من أبواب، موضحين أن أهدافه تزويد الدعاة والأئمة والمرشدين بالمعلومات العلمية الصحيحة عن فيروس الأيدز، وطبيعة وطرق انتشاره، وكيفية التعامل معه ومع المصابين به.

كما تطرق الميسرون إلى المبادئ الإسلامية التي يمكن أن تشكل سندًا قويًا لمكافحة انتشار مرض الأيدز، حيث أكدوا على أن: ” الدليل يعد أداة لتبصير المرشدين والدعاة وكافة شرائح المجتمع برؤية التشريع الإسلامي في التعامل مع المصابين بالأيدز، وتغيير السلوكيات المسيطرة إما بعرف خاطئ أو فهم غير صائب للتعاليم الإسلامية الشريفة السمحة، حيث حاول من كتبوه استخراج هذه المعلومات مدعمة بأدلة من القرآن والسنة واجتهادات العلماء “.