الدار البيضاء (المغرب) – اختتمت في العاصمة المغربية الرباط أعمال ورشة العمل التدريبية التى نظمتها الرابطة المحمدية للعلماء بالتعاون مع البرنامج الإقليمي للأيدز في الدول العربية (هارباس) التابع للبرنامج الإنمائي للأمم المتحدة في الفترة من 24 إلى 27 فبراير 2009، والتى دارت أعمالها حول تأهيل القيادات الوطنية بالمغرب من أجل التجاوب مع الأيدز، أحد التحديات التنموية هناك.
حملت الورشة، التي استمرت أربعة أيام كاملة، عنوان “القيادية من أجل النتائج: الحد من الوصم والتمييز تجاه المتعايشين مع فيروس الأيدز والفئات الأكثر عرضة للإصاب، وقد استهدفت دعم تنفيذ استراتيجيات عمل البرنامج الوطني لمكافحة الأيدز ( السيدا ) بالمغرب في الفترة من 2007 إلى 2011، وذلك بمشاركة مختلف الشركاء المعنيين، وكذلك الأشخاص الفاعلين من ذوي الخبرات والتجارب في هذا المجال، المنوط بهم تنفيذ هذه الإستراتيجية، وكذا مجموعة من المتعايشين مع هذا الفيروس، إلى جانب ممثلين عن الفئات الأكثر عرضة للإصابة بالأيدز. مبدأ الحب في البداية، ألقت د. خديجة معلى، المنسق الإقليمي لبرنامج الأيدز في الدول العربية، كلمة في الجلسة الافتتاحية سلطت فيها الضوء على ضرورة سعى القيادات في دولنا العربية إلى بناء سياساتها على مبدأ واضح بسيط وصريح هو الحب، وكما تقول ” فحبنا لشعوبها يعنى أن نسعى لمصلحة أفراده قبل أي مصالح أخرى، الحب يعنى تقديم ما ينفع الناس، وبذل كل ما لدينا لنمنع عنهم المرض والوباء، وهو ما يجعلنا نساعد من وقعوا على هامش المجتمع بفعل سلوكيات خطرة للرجوع الى السلوك الآمن الصحي المتزن”. وأضافت” أمل في أن تساعد هذه الورشة في منح المشاركين أدوات تساعد في الوصول إلى هذه الفئات لتقديم العون المطلوب إليهم. استمع إلى نص الكلمة كاملة على الرابط التالي تعبئة أفراد المجتمع وبعد أثنى على جهود البرنامج الإقليمي للأيدز في الدول العربية، أكد د. أحمد عبادى الأمين العام للرابطة المحمدية في كلمته دور البرنامج في احداث تعبئة أفراد المجتمعات العربية لمكافحة فيروس الأيدز، كما سلط فيها الضوء على خطورة الأيدز كمرض وكقضية، حيث اعتبر أن الطفرات التي يعرفها هذا الداء تستدعي ثلاث طفرات موازية؛ على مستوى إعادة النظر في البراديغمات، أو الأنساق التصورية والتمثلات التي يحملها العاملون في هذا المجال، وعلى مستوى وضع الإستراتيجيات، وأخيرا على مستوى الوعي بما عبر عنه بـ ” الألغام النفسية والاجتماعية” المكرسة للوصم والتمييز الذي اعتبره من العوائق الكبيرة في وجه العاملين في هذا المجال.. وشدد د. العبادي على الأهمية القصوى للمقاربة التكاملية بين مختلف القطاعات، ومختلف الفاعلين في مجال محاربة داء السيدا (الأيدز)، وكذا أهمية البعد الوظيفي للقيم، إلى جانب الدور المهم لكل من الأسرة والتربية الدينية السليمة والتأطير الأخلاقي المجتمعي والمقاصدي المواكب للتحولات الكبرى. مقارنات مطلوبة استعرض كل من الدكتور كمال العلمي، والدكتورة عزيزة بناني مجموعة من المعلومات والإحصائيات عن واقع الأيدز على الصعيد العالمي والإقليمي والوطني، ومن جانبه، وقف الدكتور محمد بلكبير على تجربة ودور القادة الدينيين بالمغرب في التوعية بمخاطر فيروس الأيدز وهى التجربة التى تم توثيقها في دراسة تحت عنوان ” أثر الخطاب الديني في خفض الوصم عن المتعايشين مع فيروس العوز المناعي البشري” ، تم الانتهاء منها أغسطس 2008، وترصد الدراسة التغير الذى طرأ على موقف القادة الدينيين من المتعايشين مع الفيروس، ومظاهر هذا التغير، وكيف استقبل المتعايشون مع الفيروس هذا التغير؟ و كيف وظفوه لصالح مشروعهم المعبر عن حقوقهم، وإلى أى درجة أثر الخطاب الديني في تغيير سلوكيات المتعايشين مع الفيروس في النظر إلى ذواتهم وإلى المحيطين بهم ؟ . وقد شملت عينة الدراسة 76 متعايشين مع الفيروس، وقد تم حصر حجم هذه العينة في 130 شخصاً 90 قائداً دينياً و 40 واعظة. وقد عرفت هذه الورشة التدريبية حضورا ومشاركة فعالة لأعضاء المكتب التنفيذي للرابطة المحمدية للعلماء من خلال تنشيط الورشات التدريبية، وإبراز ما يزخر به الدين الإسلامي من مواقف مشرقة تدعو إلى نبذ ثقافة الوصم والتمييز، وتحض على الرحمة والعذر والدعم والعون على تخطي البلاء. دائرة الأيدز من جانبه، أوضح فريق العمل في برنامج هارباس ما تعنيه دائرة الأيدز، ومدى ارتباطها بالموت والجنس، وما يتضمنه ذلك من قدر لا يخلو من الخرافة، مما أدي لارتباطه بالمحرمات والخوف الشديد نظراً لإرتباطه بالقيم والأخلاقيات وانعكاس ذلك على ما يعانيه المتعايشون مع الفيروس من الوصم والتمييز. وشدد فريق البرنامج على أن معدل الانتشار المنخفض لا يعني نسب خطورة منخفضة أو عرضة أقل، حيث يوجد العديد من العوامل الأخرى التى تعزز احتمالات الإصابة وانتشار الفيروس كالفقر والجهل، وشيوع الخرافات، والفجوة الواقعة بين الجنسين، وعدم كفاءة الأنظمة الصحية. أسباب انتشار الفيروس كما قدم فريق هارباس تدريباً عملياً تناول قضية الأيدز من خلال إطار ويلبر التحليلي، للتعرف على العوامل التحتية المباشرة وغير المباشر لانتشار الأيدز في المنطقة. وقد حرص الميسرون على التشارك مع الحضور في فهمهم لأساسيات القضية، والأبعاد الحاكمة لها، والعوامل والمفاهيم المجتمعية التى تقف وراء انتشار الأيدز في المنطقة العربية. وفي هذا الإطار، دعا فريق هارباس المشاركين للتفكير في الأسباب التى تقف وراء انتشار الأيدز، وكيف يمكن مكافحتها أو الحد منها. الحوارات الخلفية من ناحية أخرى، قدم فريق برنامج هارباس عرضاً تقديمياً حول ما يعرف بـ ” الحوارات الخلفية ” وهي ظاهرة تنتاب الإنسان في أثناء حديثه مع آخرين، حيث يبدو ظاهرياً أنه ينصت جيداً ولكنه في ذات الوقت يكون منشغلاً بالتفكير في شئ آخر، وقد أوضح المحاضرون أهمية الانصات الجيد كأداة ووسيلة من أدوات تأهيل القائد الجيد، قائلين:” إن وعي القائد بحوارته مع الآخرين يمنحه حرية أكبر في الفكر والفعل معاً”. وفي هذا الإطار، قدم المحاضرون تدريباً عملياً يبين كيف يمكن للقائد الوصول إلى حالة الإنصات الجيد، ولما لذلك من انعكاس إيجابي على أدائه. كما عقد الميسرون مجموعات عمل خاصة بمشاركة المشاعر، وأخرى تتضمن جلسات لإعداد مشاريع العمل والخطط الجماعية. الوقاية الفعالة والتماسك الداخلى قدم الميسرون عرضاً تضمن كيفية التغلب على الضغوط النفسية والظروف الحرجة للحياة والخروج منها بدون تشوهات نفسية واكتساب خبرات جديدة خلال هذه الازمات عن طريق ما يعرف بالوقاية الفعالة والتماسك الداخلى. وقد بين الميسر المقصود بعوامل الخطورة وكيف يمكن ضبط عجة التماسك الداخلى لدى الأشخاص المعرضين لمصدر الخطورة. وأشار الميسر إلى ضرورة تعلم مهارات الحياة كاتخاذ القرارات وتنظيم الوقت، والتعرف علي المشاعر والتعبير عنها، والتعامل مع القلق والاكتئاب، والعمل مع فريق وغيرها من المهارات الضرورية. متابعة الالتزامات وكانت الورشة قد تناولت العديد من القضايا المتعلقة بالسيدا/ الأيدز بهدف تعزيز استجابة القطاعات المختلفة العاملة في هذا المجال، وتقوية استعدادتها لمواجهة التحديات التي يطرحها انتشار الأيدز، حيث قاد فريق عمل البرنامج مجموعات عمل من المشاركين للتدريب العملي، تهدف إلى تمكين المشاركين من تصميم وتنفيذ ومتابعة الأفكار والالتزامات المطلوب انجازها في مجال التجاوب مع السيدا/ الأيدز، مؤكدين على ضرورة التحول من مجرد الاكتفاء بالنتائج إلى اكتشاف وإبداع طرق جديدة لتغيير التوجهات السلبية، هذا بالإضافة إلى دراسة الكيفية التى يمكن بها تفعيل الأفراد والمنظمات لتعزيز قدراتها في مواجهة المرض. |