كيف حول فيروس الأيدز من حياة مدمن للهيروين

ترجمة أحمد بلح: لم يمنعه الزج به في السجن ثلاث مرات من التوقف عن تعاطي المخدرات، كما لم يدفعه ذلك في يوم من الأيام للتفكير في الإقلاع عن هذه العادة السيئة والمدمرة، إلى أن جاء يوم عرف فيه بأنه مصاب بفيروس الأيدز، فتغيرت حياته رأساً على عقب.

في حوار خاص مع صحيفة جلف نيوز الناطقة بالإنجليزية، تحدث أحمد عن رحلته مع الإدمان وإصابته بفيروس الأيدز من جراء تعاطيه المخدرات بالحقن، وشرح كيف تغيرت حياته بعد علمه بالإصابة، حيث يحاول جاهداً مع زوجته التى تقف إلى جانبه بعث حياته من جديد.

أحمد الذي يبلغ الآن من العمر 35 عاماً له اثنين من إخوته وقعا أيضاً تحت وطأة إدمان الهيروين. ويحاول أحمد تبرير ذلك قائلاً وهو يبكي: ” كان أبي رجل صارم، اعتاد على أن يضربنا بقسوة عندما كنا صغاراً، وهذا ما حطم ثقتي بنفسي وغرس بى شعور دائم بالخوف الشديد”. في سن الثالثة عشر جرب أحمد تعاطي الهيروين لأول مرة، يعقب على ذلك بقوله: ” طردت من المدرسة بعد ذلك بفترة قصيرة، لكن المخدرات جعلتنى أشعر أقل بالخوف”.

وفي سن الثامنة عشر، زادت معدلات تعاطيه للمخدرات، وبالتالي زادت حاجته من المال، وهو ما قادة للاتجار في المخدرات، وفي النهاية سافر إلى تايلاند لتهريب تسعين جراماً من الهيروين إلى البحرين. ولكنه أوقف في المطار و رحل مباشرة إلى قسم البوليس.

رتب والده لإخراجه من الحبس بعد مضى ستة أشهر، لكن ذلك لم يوقفه عن استمراره في ممارسة اتجاره المخدرات ليدخل السجن للمرة الثانية وهو في عامه الرابع والعشرين، للمرة الثالثة وهو في سن الثامنة والعشرين.

يقول أحمد ” تدبرت أمري للإتجار في المخدرات حتى وأنا داخل السجن، لم استطع أن أوقف هذه العادة، والحقيقة أننى لم أكن أرغب في القيام بذلك، عندما عدت للبيت ونفد ما لدى من هيروين، أعتدت أن أسحق حبات دواء السكري التى تتداوى به والدتي واصهرها قبل أن اتعاطاها كبديل للمخدر.” ويعلق على هذا المشهد بقوله ” لكم كنت شخص بائس! ”

تزوج أحمد بعد فترة قصيرة ورزق بطفل لكنه ما لبث أن مات قبل أن يولد وهو مازال جنيناً في بطن أمه.

يضيف: ” زوجتى أعتادت على أن ترى الحقن التى استخدمها في التعاطي بالمنزل، لكنى دوماً كنت أجد الأعذار التى أسوقها إليها كى أخفى عنها حقيقة كوني شخص مدمن.”

بالرغم من من تورطي في سبع قضايا قضائية، وذهابي الى مراكز تأهيل المدمنين لسبع مرات، إلا أن عادتي المريرة هذه ظلت مستمرة.

محاولات للانتحار

يقول أحمد : ” بعد عشرين عاماً من الإدمان، كان ينبغى أن أكون قد مت أكثر من مرة. الشئ الوحيد الذى أيقظنى من الظلمة التى عشت فيها عندما أبلغت أنى مصاب بفيروس الأيدز، عندما تغيرت حياتي كاملة”.

وفي أثناء إقامته بأحد مراكز التأهيل منذ عام مضى تقريباً، نادته الطبيبة المختصة وأبلغته في غرفة خاصة بالخبر. وكما يذكر: ” بمجرد ابلاغي أني أصبت بفيروس الأيدز، صرت في حالة عصبية وكدت أن أحطم المنضدة التى كانت أمامي، وخرجت مسرعاً من الغرفة، وفي ذات اللحظة حاولت الانتحار، وبالطبع لم تكن هذه هي المحاولة الأولي، حيث أقدمت على عمل ذلك من قبل عدة مرات” .

يضيف: “بينما أنظر إلى نفسي في المرآة، بدأت أبكىكما الأطفال الصغار. أفكار كثيرة عبرت في رأسي لكن شيئاً ما حدث هناك، فجأة اكتسبت القوة التى طالما كنت أحتاج إليها للاقلاع عن هذه العادة المريرة”.

الممرضات، الأقران، وحتى الأطباء بدأوا يعاملونه بطريقة مختلفة. ويضيف:” بقيت منعزلاً في إحدى الغرف. الممرضات كانوا خائفين من مجرد أن يلمسنني، وأصدقائي كانوا يخشون الاقتراب مني، لقد شعرت بالخوف الشديد”.

منذ ذلك الحين فصاعداً، رفضت أخذ المهدئات، ومسكنات الآلام، وأية أدوية وصفت لى في مركز التأهيل.

يقول:” قررت أن أتحرر من سحر المخدر واستعيد قوتى الداخلية، عدت في الحال إلى بيتى وأبلغت زوجتى، ولحسن الحظ أن الفيروس لم يكن قد انتقل إليها، ونحن الآن نعيش أسعد أيام حياتنا معاً”.

محاولات لإنجاب طفل

يحاول أحمد وزوجته التى تقف بجانبه أن ينجبا طفلاً حيث مازالا يمارسان معاً العلاقة الزوجية الآمنة، وذلك تبعاً لتعليمات الأطباء، أي حتى يخبرهما الأطباء بأنه ينبغى لهما أن يفعلا شيئاً غير ذلك.

وبحسب أحمد :” أريد، فقط، من الناس أن يفهموا أنه يوجد أمل، وإذا كنت مدمناً للمخدرات، أطلب المساعدة، واتبع برنامج الـ 12 خطوة التأهيلي، وعش حياتك يوماً بيوم”.

على الرغم من أن المجتمع مازال لا يتقبله في ظرفه هذا، مازال أحمد ينتقل من بلد لبلد لللإبلاغ عن تجربته، والتحذير مما آل إليه بسبب إصراره على إدمانه المخدرات.

اقرأ أيضاً:

أسئلة متكررة ومواقف حياتية حول الأيدز

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

حاورته دينا الشما من جلف نيوز- جاء هذا الحوار المتفرد على هامش ورشة العمل المقامة من قبل هيئة الصحة بأبوظبي (الإمارات) بالتعاون مع البرنامج الإقليمي للأيدز في الدول العربية التابع للبرنامج الإنمائي للأمم المتحدة، في أبو ظبي بالإمارات، في الفترة من 2 إلى 4 نوفمبر 2008 .